ارجوا اخذ نسخة احتياطية من القالب ندخل في الموضوع بدون إطالة تفضلو ا الكود رمز Code:

الاثنين، 5 نوفمبر 2018

حكم تحديد الجنين في الشرع



حكم تحديد الجنين في الشرع

السؤال :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
تحية طيبة وبعد،
أنا سيدة متزوجة ولي ابنتان وأريد أنا وزوجي أن أنجب مولود ثالث، وقد استشرنا طبيب عن إمكانية تحديد جنس المولود فقال إن ذلك ممكن بإذن الله تعالى عن طريق عملية الإخصاب المجهري.
فهل شرعاً حلال أم حرام تحديد جنس المولود. الرجاء أفتونا.
وجزاكم الله خيراً.

الجواب : 
الحمد لله. مسألة تحديد الجنين من المسائل النازلة التي ظهرت مع تطور وسائل الطب وعملياته الجراحية. ولذلك اختلف الفقهاء في حكمها لعدم وجود دليل خاص لهذه المسألة. ومأخذ النزاع بينهم في هذه المسألة هل هذا الإجراء يخالف أصل الشرع في تفرد الخالق جلا وعلا بصفة تحديد نوع الجنين أم لا. وهل يعد ذلك من التدخل في الغيب الذي لا يطلع عليه إلا الله أم لا.

ومعلوم أن الرجال منهم من يحمل منيه حيوانات ذكرية وحيوانات أنثوية ومنهم من اقتصر على حيوانات ذكرية أو حيوانات أنثوية ومنهم من لم يحمل لا حيوانات ذكرية ولا حيوانات أنثوية فهم أقسام ثلاثة كما أشار الله سبحانه إلى ذلك بقوله (لله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء ويهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا و إناثا ويجعل من يشاء عقيما انه عليم قدير).

ووسائل تحديد الحنين متنوعة إما عن طريق أكل نوع من الغذاء أو تعاطي مصل أو يؤخذ المني من الرجل ويتلف الحيوانات الأنثوية منه وهذه الطريقة هي المؤثرة عند الأطباء بنسبة عالية وتسمى بالتخصيب المجهري.

والذي يظهر من الأدلة وقواعد الشرع أن عملية تحديد جنس الجنين جائزة للوجوه الآتية:

1- أن هذه العملية من جنس الأسباب العادية والأصل في تعاطي الأسباب الإباحة ما لم يرد نهي عنه وليس في الشرع دليل يدل على منعه.

2- أن هذه العملية داخلة في معنى التداوي وقد وسع الشرع في باب التداوي و رغب فيه وتصرفات الفقهاء في كثير من المسائل تدل على التوسعة والإرفاق.

3- أن هذا لا ينافي أبدا اختصاص الخالق بتحديد الجنس وليس فيه منازعة لشيء من صفاته لأنه لا يعدو أن يكون سببا كسائر الأسباب والله هو الخالق والموجد له حقيقة وأثرا وهو المصور له قال تعالى (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) فالمخلوق يفعل هذا السبب والله هو الذي يجعله مؤثرا أو يبطل أثره على حسب مشيئته وما اقتضته حكمته فالله خالق الأسباب ومسبباتها ولا يستطيع المخلوق مهما كان أن يجزم بحصول النتيجة بل الأمر كله لله سبحانه وتعالى لكن تسليم الأمر لله لا يمنع من تعاطي الأسباب المباحة. كما يجوز للعقيم أن يبذل وسعه في حصول الولد مع أن العقم كتب عليه في ظاهر الأمر والله هو المتفرد في خلق الولد والرازق حقيقة ومع ذلك لم يمنع العبد من السعي وتعاطي الأسباب لعلاج العقم ولا أحد ينكر تطور الطب ونفع وسائله بإذن الله في هذا الزمن من طفل الأنابيب والتلقيح الصناعي وغيره وقد كان الناس قبل ذلك عاجزين في الغالب عن علاجه والكل من قدر الله في حالة رزق الولد أومنعه.

4- ورد في الشرع ما يشهد لهذا الأصل وهو أن الشرع أباح للعبد العزل في الجماع لإتقاء الولد ورخص الفقهاء في تعاطي الدواء المانع من الحمل مع أن الأمر كله لله والعبد لا يستطيع حقيقة منع الحمل والولد. والعبد حينما يتعاطى هذا السبب يوقن أن المدبر والخالق والمؤثر في منع الولد ورزقه هو الله. فإباحة الشرع للعزل مع أن المانع هو الله دليل على أن تعاطي السبب لا ينافي تفرد الله. روى جابر: (أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي جارية هي خادمتنا وسانيتنا في النخل، وأنا أطوف عليها وأكره أن تحمل، فقال: "اعزل عنها إن شئت، فإنه سيأتيها ما قدر لها) رواه مسلم. وقال أبو سعيد: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بني المصطلق، فأصبنا سبايا من العرب، فاشتهينا النساء واشتدت علينا الغربة وأحببنا العزل، فسألنا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما عليكم ألا تفعلوا، فإن الله عز وجل قد كتب ما هو خالق إلى يوم القيامة ) متفق عليه.

5- أن تمني الوالدين الحصول على الذكر أمر مباح لا شيء فيه محبب إلى كثير من النفوس وما دام هو مباح فكل وسيلة تحقق هذا الغرض مباحة مثله. وإنما نهى الشرع عن كراهة الأنثى وذمها وإساءة الظن بها واعتقاد أنها تجلب العار والشنار كحال أهل الجاهلية.

6- ليس في ذلك دعوى الطبيب للغيب أو مشاركة الله في صفته بل حقيقته أن العبد يبذل سببا ويرجو حصول أثر هذا السبب في المستقبل والأسباب إذا كانت نافعة أثرت بإذن الله كما أن الزارع يبذر أشياء ويرجو حصول أنواعا خاصة وربما لخبرته وقرائن معتبرة غلب على ظنه حصول مطلوبه وليس ذلك من ادعاء الغيب. وقد علل النبي صلى الله عليه وسلم سبب ذكورة الجنين وأنوثته كما في صحيح مسلم من حديث ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر، فإذا اجتمعا فعلا مني الرجل مني المرأة أذكرا بإذن الله، وإذا علا مني المرأة مني الرجل أنثا بإذن الله).

ومع ذلك فينبغي تضييق هذا الأمر وعدم الترخيص به إلا في الأحوال الخاصة كمن به مرض وراثي يمنع من حصول الذكر أو من حرم الذكر في أولاده ونحو ذلك. أما في الأحوال العامة وعدم دعاء الحاجة فلا ينبغي فتح الباب ويشدد فيه.

والكلام هنا عن حكم هذه العملية في الشرع أما تحديد نفعها ونسبة نجاحها فالمرجع في ذلك إلى استقراء الأطباء الثقات وتجربتهم ودراستهم التخصصية. و الشرع لا يعارض أمرا ثبت بالحس والتجربة ثبوتا ظاهرا لا مخالفة فيه والشواهد على هذا الأصل كثيرة منها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لقد هممت أن أنهي عن الغيلة ثم رأيت فارس والروم يفعلونه ولا يضر أولادهم شيئًا) رواه مسلم.
والله الموفق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.









0 comments:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More