دراسات غربية: الصيام يتصدى لأمراض العصر والنشاط في رمضان صحة للبدن
قدس برسنشر في الفجر نيوز يوم 22 - 08 - 2009
يحتفي المسلمون بقدوم شهر رمضان المبارك، لما يحمله إليهم من خير وبركة، ومنافع يحوزها الصائمون، فهم يجدون فيه محطة لتجدد النفوس، وواحة تستريح خلالها الأبدان مما طالها من عناء طوال حول كامل، حيث يتوجه الصائمون إلى العبادة، في هذا الشهر الذي خصه الله بالرحمة والمغفرة، ووهب من يفوز بإحيائه عتقاً من النار.وإلى جانب القيمة الروحية التي
يستشعرها المسلمون خلال هذا الشهر الفضيل، ينال الصائمون منافع أخرى تحوزها الأبدان، إذ تُفيد من كبح شهوة البطن التي أثقلتها شهوراً طويلة، فتجني من الصيام صحة وعافية.
وعلى الرغم من محدودية أعداد الدراسات والبحوث التي تناولت آثار صيام رمضان- بشكل خاص- على صحة الفرد، من وجهة نظر مختصين.
إلا أن أنظار الباحثين توجهت منذ سنوات إلى استكشاف نظام الصيام المتقطع، أو غير المتصل، والذي يقتضي امتناع الفرد عن الطعام والشراب لعدد من الساعات، ليعقبها بعد ذلك فترة يسمح خلالها بتناول الطعام بحرية.
وكانت دراسات أُجريت في الماضي أشارت إلى التأثيرات الإيجابية لنظام الصيام المتقطع على صحة الأفراد بوجه عام، ما دفع بالعديد من الباحثين إلى دراسة آثار هذا النوع من الصيام، ورصد فوائده المحتملة على البدن.
لذا تعددت الأبحاث والدراسات الحديثة التي تناولت تأثير الصوم المتقطع، والذي يرى البعض أنه يشابه مبدأ الصيام عند المسلمين، على الصحة عموماً؛ حيث أبرزت دوره في محاربة الأمراض المزمنة وأورام السرطان. كما ألمحت إلى تأثيراته الإيجابية، لجهة إبطاء زحف الخرف المرتبط بالتقدم بالسن.
الصيام يحارب الأمراض المزمنة
أظهرت العديد من الدراسات العلمية أن الصيام بشكل متقطع، قد يلعب دوراً في محاربة الأمراض المزمنة.
وفي هذا السياق نشرت "الدورية الأمريكية لعلم التغذية السريري"، والصادرة عن الجمعية الأمريكية للتغذية، مقالة علمية تناولت استعراض نتائج تجارب أجريت على الثدييات والبشر، والتي كشفت عن دور الصوم المتقطع، في خفض مخاطر الإصابة ببعض الأمراض المزمنة؛ كداء السكري، وأمراض القلب والشرايين.
ووفقاً للمقالة؛ تبين أن الصوم المتقطع ساعد على زيادة استجابة خلايا الجسم لهرمون الإنسولين، حيث عمل على تحفيز التقاط الخلايا لجزئيات الإنسولين، بعد مرور ثلاثة أسابيع على صيام الفرد، لتدعم بذلك نتائج دراسات سابقة أجريت في هذا المجال، والتي أكدت أن هذا النوع من الصيام يزيد من حساسية الجسم لهرمون الإنسولين، ما قد يسهم في التقليل من مخاطر الإصابة بداء السكري عند الأفراد.
كما أشارت دراسة نشرت في دورية الجمعية الأمريكية لعلوم الحيوان إلى أن الصوم المتقطع أدى إلى زيادة فعالية إثنين من مستقبلات هرمون "الأديبونيسيتين"، الذي يسهم في تنظيم استهلاك الجسم لسكر الجلوكوز و استقلاب الأحماض الدهنية عند الثدييات، علاوة على لعب دورٍ في زيادة استجابة الأنسجة لهرمون الإنسولين، الذي ينظم عمليات البناء والهدم للجلوكوز في الجسم.
وفي السياق نفسه، كشفت دراسة أعدها مختصون في مجال التغذية، ونشرتها الدورية البريطانية للتغذية، والتي استهدفت مجموعة من الصائمين خلال شهر رمضان، عن أن تغيير مواقيت الوجبات، وخفض عددها إلى اثنتين في رمضان، ساعد على زيادة استجابة الجسم لهرمون الإنسولين، وذلك بالنسبة الأفراد الذين يمتلكون عوامل خطورة للإصابة بداء السكري.
أما فيما يختص بالصحة القلبية؛ أبرزت البحوث الطبية ارتباط الصيام المتقطع، بعوامل وقاية من أمراض القلب والشرايين، حيث كشفت دراسات استهدفت أفراداً من البشر، عن دور الصوم المتقطع، في زيادة تركيز الكولسترول الحميد (HDL ) عند الأشخاص الأصحاء، وخفض مستوى الدهنيات الثلاثية التي ترتبط بزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين، الأمر الذي أرجع المختصون أسبابه إلى انخفاض كتلة الجسم، وتراجع كميات الدهون فيه نتيجة للصيام، بحسب توقعاتهم.
الصوم ومقاومة الأورام السرطانية
وفي مجال محاربة الأورام السرطانية؛ أكدت البحوث الطبية دور الصيام المتقطع في زيادة مقاومة الجسم للخلايا السرطانية، مبرزة ارتباط هذا النظام للصيام، بانخفاض معدل ظهور بعض الأورام، ومنها أورام الجهاز المناعي المعروفة بالليمفوما.
ومن الدراسات التي نشرت حول هذا الموضوع، ما أعده باحثون في جامعة جرينوبل الفرنسية، حيث أظهروا دور الصيام المتقطع في خفض معدل حدوث بعض الأورام الليمفاوية إلى الصفر تقريباً، بحسب تجارب أجريت على الثدييات، مقارنة مع المجموعة التي لم تخضع لنظام الصوم المتقطع.
ومن وجهة نظر الباحثين؛ فإن للصيام دوراً في تنشيط بعض الآليات في الجسم، ما أسهم في تراجع معدل ظهور الأورام السرطانية، مؤكدين عدم ارتباط ذلك بمسألة انخفاض السعرات الحرارية، إذ تبين أن الأفراد الخاضعين للصيام المتقطع، تناولوا مقداراً مكافئاً من الحريرات لما حصل عليه المشاركون الذين لم يخضعوا لهذا النظام، بحسب تقديرهم.
كما أظهرت دراسات أجريت في المجال ذاته، أن الصوم المتقطع يرفع من معدل النجاة بين الأفراد، ممن يعانون من إصابات في نسيج الكبد، والتي تمتلك قابلية للتحول إلى أورام في المستقبل.
الصوم يطرد أشباح "الخرف"
ولا تقتصر فوائد الصوم على محاربة الأمراض المزمنة، بل تتعدى ذلك إلى إبطاء زحف الشيخوخة على خلايا الدماغ، حيث أظهرت دراسات علمية دور الصوم المتقطع، في تأخير هرم الخلايا الدماغية، ومساهمته في إبطاء نشوء مرض الزهايمر.
وفي هذا السياق؛ كشفت دراسة أجراها المركز القومي لبحوث الشيخوخة في الولايات المتحدة الأمريكية، عن تأثير محتمل للصوم المتقطع، وبعض الحميات التي تنخفض فيها السعرات الحرارية إلى النصف تقريباً، في تأخير هرم الأنسجة الدماغية.
وبحسب الدراسة التي ُنشرت نتائجها في دورية "علم الأعصاب الحياتي للأمراض"، أسهم الصوم المتقطع في حماية الخلايا العصبية من التأثيرات السلبية لبعض البروتينات، التي ترتبط بعلاقة مع مرض الزهايمر.
وخلصت الدراسة التي استهدفت نماذج حيوانية من الثدييات إلى أن الصوم المتقطع أو خفض السعرات الحرارية التي يتناولها الفرد بمقدار النصف تقريباً، يمكن أن يقلل من الخلل الحاصل للوظائف الإدراكية عند الأفراد، والذي قد يحدث عند تقدمهم بالسن.
وكان فريق بحث من نفس المركز أعد دراسة في السابق، والتي ظهر من خلالها إمكانية الإفادة من التجارب حول الصيام المتقطع، في تطوير علاجات لأمراض الخرف، بعد أن أشارت إلى أن الصوم المتقطع والنظام الغذائي الذي ينخفض محتواه من الحريرات بشكل كبير، قد يؤديان إلى تنشيط تفاعلات دماغية تعمل على زيادة إفراز بعض البروتينات والإنزيمات، لتسهم الأخيرة في مساعدة الخلايا الدماغية على مقاومة الأمراض، التي تتهددها مع تقدم الفرد بالعمر.
النشاط في رمضان .. صحة للبدن
وعلى الرغم من أن العديدين يجدون في الصيام ذريعة للجلوس، والتقاعس عن أداء الأعمال والواجبات، إلا أن الدراسات الحديثة أظهرت أن زيادة النشاط الذي يترافق والصيام في شهر رمضان، له تأثيرات صحية إيجابية، فقد عمد باحثون من المركز الوطني للطب وعلوم الرياضة في تونس، إلى إجراء دراسة على مجموعة من الرياضيين، ممن صاموا شهر رمضان، وحافظوا على أدائهم الرياضي خلال هذا الشهر، لجهة خضوعهم للتدريبات المكثفة الاعتيادية.
وطبقاً لنتائج الدراسة التي ظهرت في الدورية الدولية للطب الرياضي، تبين أن التغير في النمط الغذائي الذي تفرضه طبيعة الصيام المتقطع خلال شهر رمضان، والذي ترافق وممارسة التدريبات، أدى إلى حدوث انخفاض واضح في كتلة الجسم، مصحوباً بتراجع في كميات الدهون فيه.
وفي السياق ذاته، أظهرت دراسة أعدها فريق من المختصين في المعهد الأعلى للرياضة والتربية البدنية بمدينة صفاقس التونسية، دوراً محتملاً للصيام خلال شهر رمضان في التخلص من الدهون في الجسم.
وطبقاً للدراسة التي شملت مجموعة من الرياضيين الذكور، من الصائمين خلال شهر رمضان، والذين خضعوا لبرنامج خاص بممارسة التمارين الرياضية من الدرجة المتوسطة، ظهر أن الصيام يرفع من قدرة الفرد على حرق الدهون أثناء أداء التمارين البدنية.
0 comments:
إرسال تعليق